باب الدال { د }

الدواسر

الدَّوَاسِرُ(۱)

قبيلة ـ كغيرها من القبائل العربية الكبيرة – مؤلفة من فروع لا يَجْمعُهَا جَدُّ واحد .

فقد كانت بلادها عند ظهور الإسلام من منازل بني جرم من قُضَاعَةً ، فكان الوادي يعرف بعقيق جَرْم ، فامتدت فروع من قبيلة عُقيل بن عامِرٍ من قَيْس عَيْلان من عَدْنَانَ ، فزاحمت جَرْماً في بلادها ، فعرف الوادي – أيضاً بعقيق بني عُقيل وفي عُصُور مجهولة ــ في العهد الإسلامي ـ نزحت فروع من الأزدِ ومن هَمْدَان من اليَمَن فحلَّتْ في الوادي ، منها من هَمْدَان من مُرْهِبَةِ
الدَّوْسر – واحدهم دَوْسَرِيُّ ، وكان لهاؤلاء ذكر وشُهرة ـ على ماجاء في الجزء العاشر من كتاب « الإكليل » للهمداني أما الأزديُونَ فَإِن خَبَرَ عامِرٍ ( الملطوم ) الذي لايزال بعض سكان الوادي من الدواسر يتناقلونه – من الأخبار المشهورة عند قدماء المؤرخين ، وقد ذكره بهذا الاسم منهم العالم اليمني نشوان بن سعيد الحميري في كتابه اللغوي « شمس العلوم » . وهناك فروع من قبائل عدنانية انُضَوَتْ تحت اسم الدواسر فاصبحت معدودة منها وهذا مما يتناقله المعاصرون حتى الآن ، وخاصة بالنسبة إلى التغالبة ( تغلب ( كما تقدمت الإشارة إلى ذالك عند ذكر هذا الاسم ، ولكن ليس كل ما يتناقل العامة من الأخبار صحيحاً ، فَهُمْ ـ من قبيل المثل ، يَعُدُّون بني صهيب من تغلب ، وقدماء علماء الأنساب ذكروهم من بني تُشير من قيس عيلان من مضر ، من سكان الأفلاج القدماء(٢) ومما ذكره المتقدمون أيضا أن الدواسر من بني سعد بن زيد مناة بن تميم (٣) سكان شرق الجزيرة بعد ظهور الإسلام ، ونقل صاحب « تاج العروس » أنَّ بني سعد كانت تُلقب في الجاهلية دوسر ، وذكروا أنَّ للنعمان ملك العرب في الحيرة بأطراف العراق كتيبة تعرف باسم ( الدوسر ) من تغلب وغيرهم .
ورأيت في الأوراق التي وجدت في أوراق الشيخ صالح العثمان القاضي المتوفى سنة ١٣٥٠ والتي تكرر النقل عنها ، والرمز إليها بحرف ( ق ) ما هذا نصه : المعروف عند من له معرفة من الدواسر في أنسابهم أن أولاد بدران بن زايد اثنان : سالم وصُهَيب .
وأولاد سالم ثلاثة : ودعان جدّ الْوَدَاعين ، ومانع جد المخاريم ، ورجب جد الرجبان .
وأولاد صهيب أربعة : جري جد المساعرة وآل بريك وآل ( بو زمام ) ، وحسن وموسى وعيسى وأولاد حسن بن صُهيب ثلاثة ، وهم : شكر وعمار وفرج . وكل واحد منهم جد قبيلة فشكر جد الشكرة ، وهم آل ) بوعلي ) والجعاثنة والغرابا والمفارحة – بالحاء المهملة – والجرووه ( كذا ) والبردة والحنابجة وأما عمار بن صهيب فهو جد آل عمار، وهم آل قينان ، والنشير ،وآل مبارك ، والشواهين، وآل بتير ، والسواحلة ، والدغمة . وأما فرج بن صهيب فهو جد الفرجان ، وهم : الصخابرة ، والهواملة والهواشلة ، ، والخضران ، والوبارين ، والحراجين ،والعجالين أهل ليلا ، وآل حمدان، وآل ) بوراس ) والحداجين ، وآل حجي وأما موسى بن صهيب فهو جد الغييثات. وأما عيسى بن صهيب فهو جد الشرافا . ويقولون : إن أولاد حسن بن جري بن صهيب اثنان سباع ، جد آل ( بوسباع ) وحسن جد آل ( أبا الحسن ) عشيرة ابن قويد . ويقولون ( إن الخييلات والمشاوية والعمور والحقبان ، والمصارير أنهم من تغلب . وأنهم يجتمعون مع الدواسر في دوسر ، فالله أعلم انتهى
ومع إحكام هذا التفريع لأفخاذ الدواسر وبطونهم إلا أنه لا يتفق ما هو معروف من عدم صلة الأبوة وقرابة النسب بين تلك البطون مع فلايزال بعض الدواسر أنفسهم ينتسبون إلى تغلب العدنانية ، مع اتفاقهم على أنَّ الأصل في قبيلة الدواسر يرجع إلى الأزد القحطانية والحديث في إرجاع كل فرع من فروع القبائل العظيمة في هذا العهد ، عديم الجدوى ، لعدم المصادر التي يصح الاعتماد عليها . وهذا لا يختص بالدواسر ، بل يعم جميع القبائل العربية في الجزيرة ، باستثناء قبائل صغيرة لم تغادر مواطنها القديمة ، ولم يخالطها أحَدٌ في سَرَواتِ الحجاز خاصةً وكانت جريدة «الجزيرة» التي تصدر في مدينة الرياض قد نشرت في عددها الصادر في يوم الجمعة ۱۱ رجب ١٤٠١هـ حديثاً لأحد أهل المنطقة الشرقية فُهم منه أن الدواسر في المنطقة الشرقية لا صلة لهم من حيث النسب بالدواسر ، سكان الوادي المعروف بهم ، فاثار استنکار الدواسر في المنطقة ، فكتب الشيخ حمد بن عيسى بن راشد الدوسري في تلك الجريدة في عدد يوم الاثنين ۲۱ رجب سنة ١٤٠١هـ مقالاً مطولاً يستنكر ماجاء في ذالك الحديث ويقول : اننا ننتمي إلى العمور ، من الدواسر ولي في ذالك دليلان أولهما أن العم محمد بن راشد الدوسري قد أوقف وقفاً في عام ١٣٥٤ واسماه وقفا لوالدي راشد بن جبر الدوسري العَمْري ، واعرض مع هذا صورته ) ونشرت الجريدة الصورة ) .
والدليل الآخر ماذكره الشيخ حمد الحقيل في كتاب كنز الأنساب  – ص ١٣٠ – الطبعة الخامسة .
إلى إن قال : ( فنحن كتلة واحدة أصلنا من الوادي ، وأبناء عمومة ) . ونشرت الجريدة أيضاً في يوم الثلاثاء ٢٢ رجب ١٤٠١ مقالاً بتوقيع محمد بن يوسف الدوسري قال فيه : فدواسر المنطقة الشرقية يعود أصلهم إلى الوادي  ونقل نصوصاً من كتاب « دليل الخليج »
منها (ص) ۳۷۲۷ : أقام الدواسر فيها عدة سنين ( يقصد جزيرة الزخنونية الواقعة على بعد عشرة أميال في الجنوب الشرقي من العقير) عند هجرتهم من نجد إلى البحرين وفي ص ٥٧٦ : ( دواسر البحرين هاجروا من نجد ، بينما تحولوا نحو الشرق تدريجياً ، بعد أن قضوا سنين عديدة في الطريق ، عند جزيرة الزخنونية ، وأخيراً وصلوا إلى البحرين عام ١٨٤٥م وحوالي ثلاثين عائلة من القبيلة يقيمون في الدوحة في قطر ، وربما نفس العدد يقيم في الكويت ، وتوجد شعب من دواسر البحرين في منطقة الساحل الايراني – إلى أن قال نقلاً عن ذالك الكتاب : وبعض هؤلاء في البحرين ينتمون إلى قسم يعرف بالدموخ الذين يذكرون أنهم ينتمون إلى حسن ، من نفس القبيلة وذكر الشيخ حمد بن عيسى بن راشد الدوسري أن الدواسر نزحوا من البحرين يوم۲۷ /١٣٤١/١١ هـ إلى الخبر والدمام – وأوضح سبب نزوحهم في جريدة «الجزيرة»  العدد ۳۲۰٥ يوم الاثنين ٢١ رجب سنة ١٤٠١هـ  انتهى
ومما يعترض الباحث مما لا يجد له مصدراً ملخصاً يُعَوَّلُ عليه تحديد أزمان انتقال فروع القبائل من بلادها القديمة ، وتَفَرّقها فمع أن موطن الدواسر المعروف الآن هو واديهم الذي عُرِف بهم – إِلَّا أَنَّ كثيراً من فروعهم انتشروا في نجد ، في سدير ، وفي القصيم ـ غير الفروع الكثيرة في شرق الجزيرة ويرى الشيخ عبد الله البَسَّام في كتابه « علماء نجد (۱) أن من المعروف أن جميع بطون وأفخاذ الدواسر المنتشرة في مدن وقرى نجد ، ترجع إلى جَدَّ واحدٍ ، هو غانم بن ناصر بن ودعان بن سالم بن زايد ابن زياد بن سالم بن وداعة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امري . القيس من الأزد وبصرف النظر عن سلسلة هذا النسب فرأي الشيخ عن رجوع الفروع إلى أصل واحد له ما يقويه وخاصة الْوَدَاعِين – أي بالنسبة لمن ينتسب إلى ودعان من تلك الفروع . أما المنتسبون إلى  الْبَدَارِين  ممن لم يرد لهم ذكر في كلام الشيخ فهم . على ما يتناقله النسابون – أبناء بَدْرَان بن زايد ، وبَدْرَان على قولهم له ابنان سالم وصُهَيْب ، وسالم هو أبو ودعانَ ، ومنهم أسر كثيرة شهيرة معروفة . ويظهر من تتبع أحداث الأسرِ الدَّوْسَرِيَّة في نجد ـ على قلة ما دُون منها ـ أن تاريخ انتقال أول من عُرف منها إلى نجد ، لا يتجاوز خمسة قُرون .
مع عدم الجزم بتحديد الزمن وسَيَمُرُّ بالقاري طرف مما عُرِف من أحداث تلك الأسر عند ذكرها .

(۱) انظر مجلة « العرب » س ٣ ص ٧٥٩ وفي ( امتاع » ۲۸ : دَوسَر قبيلة أزدية من غسان ، وحلت مع بطون وداعة من بني عامر في وادي العقيق مع جرم، واختلطت معها قبائل من بني عقيل المذحجي ، ودخلت معها بنو مرهبة من همدان، وبعض بطون من سبيع بن صعب بن معاوية ، وهم (سيع العزة ) وخاصة من بني سهل الذين نزح معظمهم إلى نجد . انتهى . وبنو عُقيل سكان العقيق من عقيل بن كعب من بني عامر بن صعصعة من عدنان كما في صفة جزيرة العرب ، وفيما تقدم من كلام صاحب الامتاع : خلط وخطأ
(٢) انظر كتاب صفة جزيرة العرب للهمداني ص ٣٠٥ مطبعة  دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر  .
(٣) ذكر هذا الأزهري في موضعين من كتابه و تهذيب اللغة  .
(٤) ۷۹۷ ( حاشية ) و ٨١٠ و ٨٧٦