باب الظاء { ظ }

الظفير

الظفير

أول من رأيته ذكر هذه القبيلة ابنُ فَضْل الله العُمَريُّ ،

صاحب كتاب « مسالك الأبصار» في القسم المتعلق بذكر قبائل العرب في عهده وهو ممن عاش في آخر القرن السابع وأول القرن الثامن ، فقد ورد في ذالك الكتاب مانصه : وظفير (۱) من بني لام (٢) ، ومنزلهم الظغن ، قبالة المدينة النبوية ، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، وقد يكون نقل هذا عَمَّن عاش في عصر قبل عصره . ومع إيجاز ماذكر إلا أنه أوضح أمرين هامين ، بالنسبة لهذه القبيلة : أولهما : صلة نسبها ببني لأم ، وهؤلاء من طيء باتفاق النسابين . والأمر الثاني : بلادها ، وهو الطِّغْنُ ، وهو أطراف الحرار الشرقية الموالية لبلاد بني لام ، الذين كانت بلادهم تقع غرب الجبلين ، في غوطة بني لأم ، والطِّغْنُ يقع غرب هذه الغوطة ، يفصل بينه وبين المدينة الْحِوَارُ حَرَّة فَدَك ) الحايط ) وحَرَّة خَيْبَر ، وتلك البلاد قبالة المدينة ، وبقربها . ولقبيلة الظفير – إِيَّانَ قُوَّتها منذ القرن الثامن إلى القرن الثاني عشر الهجري ـ معارك وحروب في بلاد نجد ، مع قبائل أخرى ، لا يتسع المجال لتفصيلها ، ولم تستطع تلك القبائل إخضاعها حتى قامت دولة آل سعود الأولى فأخضعتها ، حتى ألجأتها ـ بعد إضعافها ـ إلى التمزق ومغادرة الجزيرة إلى نواحي العراق . ومعروف أن أية قبيلة تبلغ درجة من القوة والمنعة ، ينحاز إليها من فروع القبائل الأخرى من هو أضعف منها ، وهكذا قبيلة الظفير ، فقد ورثت قبيلة طيء حين هاجرت من الجزيرة في عهد مُبَكِّر ، ورثت بلادها ، وانضم إليها بعض من بقي من فروعها ، وفروع من قبائل أخرى منهم بنو حسين من أشراف الحجازثم أدركها الضَّعْفُ في آخر أمرها قال ابن لعبون (٣) : بنو لأم الذين منهم آل ظفير ، وآل مُغيرة ، الذين منهم الملوك الشهيرة والبطون الكثيرة ، وقد انقرضوا إلا النادر في الحاضرة ، والمندرج في البادية ، ومنهم آل كثير والفضول . انتهى . وقال الشيخ عبد الله البسام (٤) عن الظفير : وقد اختلف فيمن يرجعون إليه ، فقال القلقشندي وابن لعبون : الظفير من بني لأم ، وقال عبدالله بن محمد البسام ، ومحمد بن خليفة النبهاني ومجلة لغة العرب» العراقية : إنهم مؤلفون من قبائل شتى وأقول : الذي يترجح عندي أن أصلهم من بني لام والتحق بهم بالحلف بطون وأفخاذ وأفراد من قبائل شتى ، فهذه عادة القبائل ، القليل أو الضعيف يقوي نفسه باللحاق بقبيلة أقوى أو أكثر منه ، أما ان تجمع عناصرها كلها من القبائل ، فهذا لم يحدث كما نستدل على ذالك من منازلهم في نجد واتجاه مسيرهم ، فقد كانت معاركهم مع قبيلة عنزة وغيرها في شمال نجد كالكهفة الواقعة بين القصيم وحائل ثم كانت المعارك في القصيم ، فكانت معركة من المعارك في الضلفعة عام٨٥٤هـ (٥) وكان من مساكنهم السويطي أحد أحياء مدينة عنيزة المنسوب إلى شيوخهم ـ آل سويط – وقد جاء يُداعِي فيه من مدة قريبة أحد شيوخهم . ثم زحفوا من الشمال والغرب إلى الشرق فصارت المعارك تقع في السر – وكان من تلك المعارك مناخهم مع عنزة عام ١٠٣١هـ حين قتل زعيمهم فدغم بن سويط . ثم أخذنا نسمع أخبارهم تصدر من بلدان وادي حنيفة ، فهذا زعيمهم الكبير سلامة بن مرشد بن سويط ـ يقيم في الجبيلة ويموت فيها عام ١١١٣ هـ حتى إذا جاء عام ١١٥٦ هـ قال خال والدي الشيخ عبد الله بن محمد البسام : في هذه السنة ارتحل الظفير من نجد ، وجاءوا إلى البصرة وأقاموا في ناحية العراق  (٦) . انتهى
فمن هذا التتبع عرفنا منازلهم من نجد وزمنهم فيها . انتهى
ولم يُشر الشيخ ابن بسام إلى أن تاريخ الظفير في بلاد نجد لم يَنْتَهِ حيث ذكر خاله ـ سنة ١١٥٦ – بَلْ جرت لهم معارك في السنوات ما بينها وبين ۱۲۱۹ منها : في سنة ١١٥٧ – أنهم أخذوا قوافل عَنَزَة ، على رماح وقتلوا عدة رجال – على ماذكر خاله نفسه سنة ١١٦٦ قال ابن بشر : وقعة ( السبلة ) وهو موضع معروف بين بلد الزلفي والدهناء ، وهذه الوقعة على الظفير من بني خالد وذالك أن بني خالد ساروا إليهم وقائدهم عبدالله بن تركي بن محمد ابن حسين آل حميد ، فواقعوهم وصارت على الظفير هزيمة وأخذوا عليهم نعماً كثيرة وقيل انها بعد دخول السنة السابعة . انتهى . وقال ابن بشر أيضاً : في سنة ۱۱۷۳ سار عبدالعزيز بجميع رعاياه وصبح آل عسكر من الظفير على الثرمانية وهي ماء معروف قرب بلدة رغبة ، وأخذ كثيراً من حلالهم وغنم منهم إبلا كثيرة وقتل من الأعراب عشرة رجال . انتهى وقال ابن بشر وغيره : سنة ۱۱۷۸ فيها كانت الوقعة المشهورة على حماد المديهيم ومن معه من السعيد الظفير ، سار إليهم عبدالعزيز رحمه الله تعالى ومعه غزو أهل الرياض مع دواس بن دهام فأغار عليهم وهم على جراب، ماء معروف بين سدير والدهناء فاستأصل جميع أموالهم وقتل منهم نحو الثلاثين رجلاً وقُتل على الغزو رجال منهم المغيليث وركاب الغزو لا تزيد على المئة والثلاثين . انتهى وقال ابن بشر : وفي سنة ۱۱۸٥ سار عبد العزيز من الدرعية غازياً يريد منيخ فلما وصل إلى بلد حريملا ذكر له غَزْو لآل ضويحي ، رؤساء الظفير في غيانة الموضع المعروف بين حريملا وسَدُوسَ ، فَكَرْ راجعاً ، وقصدهم فجمع الله بينهم. وحصل بينهم قتال ، وقتل عبدالعزيز عليهم عدة رجال منهم وهق بن فياض . وقال ابن بشر أيضاً : وفي سنة ١١٩٥ اجتمعت قبائل الظفير وغيرهم على محسن بن خلاف رئيس السعيد وقبيلته ودهام أبا ذراع وقبيلته الصُّمدة ، وغيرهم الجميع سبعة أسلاف ، ونزلوا على مبايض الماء المعروف بمجزل قرب سدير ، فسار سعود إليهم بالجنود المنصورة من الحاضر والباد فلما أشرف عليهم استكثرهم فرجع إلى أرض بلد تمير في طرف يُجزل ، واستنفر أهل سدير ركباناً ومشاة فنفروا إليه مسرعين فنازل تلك العربان على مائهم وتقاتلوا قتالاً شديداً ثم أدال الله المسلمين عليهم تلك البوادي وولوا ،مدبرين فغنم المسلمون منهم غنائم فانهزم جميع عظيمة واستأصل سعود أكثر أموالهم وحازها فالأغنام نحو سبعة عشر ألفاً والإبل خمسة آلاف ومن الخيل خمس عشر فرساً ، وحاز جميع ما في من الأثاث والأمتعة وقتل منهم قتلى كثيرة من الفرسان الحلة والرجالة ، منهم دهام أبا ذراع وثواب بن حلاف وغيرهم . انتهى .
وفي سنة ١٢٢٠ – أغار سعود بن عبد العزيز على عربان الظفيروأخذ كثيراً من إبلهم وجميع أغنامهم – على ماجاء في كتاب « تحفة المشتاق » ، ولعل هذه الغارة هي التي ذكرها ان بشر من قبل سرية من سرايا سعود في فليج على غزو منهم إذ قبلها سنة ١٢١٩ غزاهم سعود فشتت شملهم فتفرقوا و هثل من هثل منهم في نجد كذا عبر ابن بشر .
ولعل من آخر المعارك مع الظفير ، ماجرى بينهم وبين الإمام عبد الله الفيصل ، وذالك بعد خروجهم من نجد بزمن طويل ، فقد سار إليهم ( سنة ۱۲۸٣ هـ ) وهم على شقراء ـ في الهور في أطراف العراق ـ فسبقه النذير ، فانهزموا فأخذ لهم إبلا وغنما ـ على ماذكر ابن عيسى في عقد الدرر هذا طرف من أخبار معارك الظفير في نجد ولهم قبل ذالك مناوشات مع أشراف الحجاز ، ولا يعني الباحث هنا – سوى معرفة الأسر التي تنتسب إلى الظفير . وقد ذكرهم الشيخ عبدالله البسام ، فقال (٧) : الظفير : في نجد ينقسمون إلى بطنين الأول الصُّمَدَة ـ والثاني آل بطون . وتنقسم الصمدة إلى أمير . أكثر من أثني عشر فخذاً لكل منهم كما ينقسم آل بطون إلى نحو عشرة أفخاذ لكل منهم أمير . أما شيوخهم آل سويط فينقسمون إلى ثلاثة بطون هم آل سلطان وآل غضبان وآل ضويحي وبعد أن ارتحلت قبيلة الظفير من نجد إلى العراق خلفت بعض الأسمر حاضرة في بلدان نجد منهم : آل فدا في أشيقر وبُريدة وسدير والزبير، وآل قاسم وآل مقحم وآل سيف كلهم في أشيقر ، وآل عليان وآل محارب كلاهما في القصب من آل السعيد من الظفير ، الصباعا وآل مزعل كلاهما في عنيزة من الظفير ، وآل عمرو من الظفير ، وآل سلطان في البكيرية ، وآل منصور في الخبراء ، وآل مزيد في بريدة وعنيزة ، وآل جليدان وآل عامر بن جليدان ومنهم الشيخ عبد الله بن عمرو المشهور ، وآل عسكر أهل الخرج من الظفير ، انتهى .
وسيمر بك ذكر هاؤلاء وغيرهم ممن يُنْسَبُ إلى هذه القبيلة.

(۱) خطأ صديقي الأستاذ عباس العزاوي كتابة اسم ( الظفير بالظاء ، وقال : إن الصواب ( الضفير ) بالضاد ، لأنه مأخوذ من التضافر والتناصر ، لأنهم فروع قبائل تجمعت وتضافرت ومن هنا سميت ( الضفير) وقد فاته - رحمه الله أن الظفير علم ، وكذا ورد عن المتقدمين والأسماء لا تعلل
 (٢) العرب : س ١٦ ص۷۸۰ ومالك الأبصار مطبوعة ( دورتيا كرافولسكي ) ص ١٥٣
(٣) ٣٢
(٤) علماء نجد و ص٦٣٨
 (٥) ذكر صاحبه عنوان المجد في سوابقه أن معركة الضلفعة حدثت سنة ١٠٨٨ فهل هما معرکتان ؟
(٦) ذكر هذا صاحب ( عنوان المجد ) قبل ابن بسام - ج ۲ ص ۳۷۵ طبعة دارة الملك عبدالعزيز .
(٧) علماء نجد : ٦٤٠ .